برج الفتاة… منارة اسطنبول الأشهر

وحيداً يقف في مغرب شمس المدينة شاهداً على حكاياتها وأساطيرها منذ الأزل فيه بدأت أساطير الحب وإلى اليوم هو المكان الذي تتوج فيه بالرابط الأبدي المقدس الغموض سمته اسماً وتاريخاً  “برج الفتاة”.

ليس هناك تاريخ مؤكد لبناء برج الفتاة  إلا أنه معظم الدراسات ترجح بأنه بني في فترة قبل الميلاد بحوالي 300 سنة .

كما تاريخه، أيضًا سبب بنائه وهوية بانيه مجهولة أيضاً ، كما تشكل الجزيرة التي يقوم عليها لغزاً آخر بحد ذاته إذ لم يؤكد إذا ما كانت تشكلت نتيجة عوامل الطبيعة أم أنها من صنع البشر .

ونظراً لقلة المعلومات عنه كثرت الروايات المحاكة عن قصته إذ  يشاع أن ملكاً بناه لتسكنه ابنته الوحيدة وذلك لحمايتها من الموت بلدغة ثعبان كما جاءت بعض النبوءات.

أما القصة الأكثر شهرة وتأثيراً هي قصة (هيرو ولياندور) وهي قصة عشق أدت إلى موت بطليها بسيناريو مشابه لحكاية (روميو وجولييت ) العاشقان الأشهر في التاريخ

حيث يروى عنهما أن هيرو ولياندور كانا يلتقيان سراً في هذه الجزيرة الصغيرة  الشاهدة على حبهما المحرم وأن لياندور كان يأتي إليها سباحة ،

وفي يوم عاصف أخذه الموج إلى حتفه أثناء ذهابه للقاء حبيبته هيرو سابحاً كعادته ، فما كان من هيرو إلا أن تمنح جسدها للبحر أيضاً علها تلقى حبيبها في عالم آخر .

خضع برج الفتاة لعدة انهيارات وعمليات ترميم وتعديل حتى وصل لشكله المعروف اليوم ومثله مثل أي معلم تاريخي في اسطنبول فقد شهد تغير وتوالي الامبراطوريات عليها ، فقد استخدم في زمن البيزنطيين كمحطة للسفن وكان يعرف باسم (القلعة الصغيرة) ، ثم وبعد سيطرة العثمانيين بني فيها برج خشبي مالبث أن تهدم عام 1719 م بعد أن التهمته النيران ،ونتيجة لذلك رأى البناء العثماني المشهور (ابراهيم باشا) تمكين بناء البرج ومنحه هيكلاً صلب وهو البرج الموجود إلى اليوم.
أما دعامات البرج فقد تمت إضافتها بأمر من السلطان (محمد الثاني) والتي حمت البرج حتى الساعة رغم الزلازل التي طالت المدينة مرات عدة حيث استخدم وقتها كمكتبة .

بداية الحكم الجمهوري تحولت الجزيرة لمنطقة للحجر الصحي وذلك حتى عام 2000م ، حيث فتح المكان كمزار سياحي بأمر من حكومة البلاد وهو كذلك إلى الآن.

يقع “برج الفتاة” في جزيرة مستقلة بنقطة متوسطة بين اسكودار وهارم قريباً من الطرف الآسيوي لمدينة اسطنبول كما يمكن رؤية آيا صوفيا و جامع السلطان أحمد وقصر التوب كابي الواقعة في الطرف الأوروبي منه 

يوجد أعلى البرج مطعم سياحي غالبا ً ما تقام فيه حفلات زفاف نظراً لارتباط المكان بحكايات الحب.

و كما هو الحال في معظم المناطق السياحية في المدينة يفتح المكان أبوابه ساعات الدوام الرسمية في البلاد

والذهاب إليه ليس مجاني إذ ينبغي الحجز مسبقاً بمبلغ رمزي لا يتجاوز ال 4 دولارات للتمكن من زيارته.